قصة قصيرة (قدح شاي)

اجنادين نيوز / ANN

حيدر الاسدي

مهداة الى طفل يبيع الشاي على المارة وفي الاسواق المكتظة وهو لم يبصر بعد المشهد الاول من قساوة الحياة ….

اللعنة كم نحن حمقى، معشر البرجوازيين كل مرة يترأى لي هذا المشهد العن الارض التي حملتني والقدر الذي قذفني ها هنا ، ابصق على جانبي يتطاير بقايا رذاذ فمي فيبلعه الزمن الهلامي او ظلي فكلاهما يلاحقاني كقرين سوء يرغب بالاطاحة بي ، واللعنة تدور من فمي لراسي لاح لي ملاك صغير بسحنة سمراء ….هل ياتي الملائكة على شكل اطفال؟
قلت مع نفسي وانا احدق لذلك الطفل بجلده المسمر وقسمات وجهه الحزينة وهو يمسك بقوري الشاب والاقداح الكارتونية .
– عمو جاي؟
اللعنة ان اتحسس وجهه من خلال عيوني ، انه انسان مثلنا!
ينطلق ويتكلم ، كنت اتصور انه ملاك على هيئة بائع شاي؟ جاء ليتلصص على مساوئنا نحن البرجوازيين الحمقى

-اثنان شاي ، اجابه صديقي .
قلت له انا لا اتناول الشاي
الم اقل لكم كم نحن حمقى !
-وانا كذلك ، قال صديقي ، لكننا سنشرب
فهمت ان صديقي يحاول كسب ود ذلك الملاك الذي بدا وكانه تمثل صغير صامت تماما ، صب الشباب بهدوء كبير.
انا احدق له وعيوني تفضحني ….لكننا البرجوازيين الحمقى لا نرغب بالبكاء امام الاخرين ، ولا نبكي بالشوارع ، حتى لا يقولوا عنا عاطفيون!!
الان الوقت ما بين العصر والمساء
اتحسس دماغي ، اتحدث مع بنات افكاري ، فتردمني بصراخ عجيب…
يترأي لي مشهد كوني…
-هيا استيقظ يا محمد الساعة الرابعة الان.
-انا متعب جدا يا اختي…
-لكننا بامس الحاجة الى النقود ، من دون هذا الشاي لن نستطيع العيش ابدا ، ابدا يا محمد .
تغورقت عيناها المخضرة بدموع حمراء ، وانهالت على خديها المتشحة ببياض نقي يشبه نقاء الملائكة ، ومحمد يسحب نفسه من الفراش هامساً:
-هل خدر الشاي ام بعد؟
تكفك دموعها بالم ولوعة سرية صامتة:
-نعم اكتمل، خذ هذه الاقداح الجاهزة.
-ساذهب للسوق مثل كل يوم.
-حسنا تفعل لانه مكتظ بالناس
محمد يبتسم وتتغير ملامح وجهه
-اراك مبتساً يا محمد؟
-هل سنذهب يوما ما للسوق كمتسوقين وليس بائعين؟
سماح بوجه مبتسم :
-كف عن الحلم يامحمد وركز بعملك ، وخذ هذه الاقداح…
يكفكف محمد وجعه المنصهر داخل ذاته الملائكية ، اللعنة نحن البرجوازيين الحمقى لا نعتقد ان للاطفال احلاما او وجعاً…

-2-
الشاي طعمه لذيذ ، لذيذ جداً …
محمد بدء يتلاشى ، اختفى بين الناس المزدحمة في السوق ، وعيوني تلاحقه ، اللعنة اين اختفى هذا الملاك..هل يعقل ان من يقدم هذا الشاي هو طفل بشري يقطن بحي شعبي ملئه المشاكل والالم والجوع والغثيان….

-3-
انا احدق بوجوه المارة ، استرق السمع لعلي اسمع لقصة محمد او خبر عنه ، اختفى بين الحشود ، غادر دون عودة ، علني اصادفه بمكان اخر….وجه هذا الطفل يحرك بداخلنا نحن البرجوازيين الحمقى شعورا بجلد الذات ، ادرك تماما ان وجهه غريب بعض الشيء…
هل ممكن ان يحدث كل هذا الشعور بي طفل عادي؟
اللعنة من بائع الشاي هذا؟ وكيف التقيه مرة اخرى…
وجهها لا يقبل ان يغادر رأسي….
ووقع قدماه وهي تسحب نفسها بين الحشود تطرق على دماغي بقوة، حتى يكاد رأسي ينفجر من شدة التفكير….!

زر الذهاب إلى الأعلى