جفاف بحيرة ساوة ستطوى صفحة من صفحات التاريخ

اجنادين نيوز / ANN

بغداد/المسلة:  أفاد تقرير لصحيفة المونيتور العالمية ان اختفاء بحيرة ساوة لن يكون تاثيره مقتصرا على البيئة فقط، بل يتعدى ذلك الى التاريخ، حيث ستمحى صفحة مهمة فيه كتبته هذه البحيرة من مئات السنين، اذ ورد اسمها في كتب التاريخ والروايات الدينية ومنها أن مياهها هاجت في يوم ولادة النبي محمد.

وافاد التقرير الذي كتبه عدنان أبوزيد ان اسم بحيرة ساوة في العراق، يرتبط بحكايات التاريخ والنشاط الإنساني منذ مئات السنين، لكنها اليوم تتحول الى جزء من الصحراء المحيطة بها بعد انحسار المياه عنها بشكل كامل.

وجفّت بحيرة ساوة الواقعة في محافظة المثنى جنوبي العراق، بشكل تام، لتختفي هذه البقعة المائية المتفردة كونها تقع وسط الصحراء القاحلة، منذ آلاف السنين، وورد اسمها في كتب التاريخ والروايات الدينية ومنها أن مياهها هاجت في يوم ولادة النبي محمد.

ويسمي العراقيون، البحيرة المالحة بـ لؤلؤة الجنوب، وتحتوي مياهها على المعادن التي يمكن استخدامها للأغراض الطبية، فيما جفافها لدى بعض الشيعة، من علامات ظهور الامام المهدي الذي هو من نسل النبي محمد، والذي سوف يظهر بعد غياب مئات السنين، ليحكم العالم بالعدل، وهو أمر أضفى جوانب اعتقادية وراء جفاف البحيرة، بين الناس.

يكشف الناطق الرسمي لوزارة الزراعة الدكتور حميد النايف، في حديثه لـ المونيتور عن أن “مستثمري الأراضي القريبة من البحيرة، حفروا آبارا بطرق غير قانونية، وبصورة عشوائية، الامر الذي تسبب في نقص مياه البحيرة، لان تلك الابار التي يزيد عددها على الألف بئر، وهو عدد هائل جدا، تسحب المياه من البحيرة”.

ويرى النايف أن الحل يكمن في “وقف تجاوزات المستثمرين على مياه البحيرة وهو امر ليس من مسؤولية الوزارة بل وزارة المواد المائية، والحكومة المحلية في ذي قار”.

يؤكد النايف أن “وزارة الزراعة، حين توافق على مشروع استثماري، فانها تشترط على المستثمر، اخذ موافقة وزارة الموارد المائية”.

ويتحدث المستشار في وزارة الموارد المائية بالعراق، عون ذياب، لـ المونيتور عن ان “مؤشرات انخفاض المياه في البحيرة، بدأت قبل سنوات، و بشكل تدريجي نتيجة الاستثمارات الزراعية في بادية السماوة حيث تقع البحيرة، والذي أدى الى استنزاف طبقة الدمام الحاملة للمياه وفق خبراء الهيدرويولوجي”.

ويقول ذياب إن “مناطق سداد مغلقة تكونت على ضفاف البحيرة وحول العيون التي يتدفق منها المياه الى البحيرة نتيجة ترسب الاملاح الناجم عن التبخر العالي”.

واعتبر ذياب إن “البحيرة تعتبر ظاهرة طبيعة نادرة كونها في وسط صحراء جافة وقاحلة، وقد تركزت فيها الاملاح بشكل كبير منذ سنين طويلة، ما جعلها غير صالحة للحياة المائية عدا أسماك نادرة غريبة الشكل”.

يرى ذياب انه “كان يمكن تجنّب جفاف البحيرة بشكل كامل، لو تركزت الجهود عليها منذ بدايات الانخفاض في مياهها وذلك بالإيقاف الفوري للمشاريع الزراعية والاروائية في المنطقة التي تسببت في سحب المياه من البحيرة، لكن الامر ليس سهلا لان ذلك يتقاطع مع مصالح الاستثمار في المنطقة”.

ويكشف عون عن “خطة كانت معدة، لإدخال البحيرة ضمن المناطق الرطبة التي تضمها اتفاقية رامسار الدولية، المعنية بالاستخدام المستدام للمناطق الرطبة ومنع انحسارها، وتنمية دورها الاقتصادي والثقافي والعلمي وقيمتها الترفيهية، لكن الامر لم يعد ممكنا بعد تحولها الى منطقة جافة”.

يؤكد عون إن “جفاف البحيرة هو أيضا نتيجة طبيعية مقرونة بجفاف البادية الغربية وبادية السماوة والتي لم تشهد سقوط الامطار منذ سنوات”، مشيرا الى إن “الآبار في منطقة عين التمر في كربلاء، قد جفت أيضا، نتيجة استثمار المياه الجوفية لزراعة الحنطة بشكل جائر”.

يتحدث مدير قسم التحاليل البيئية في دائرة بيئة المثنى عباس العامري لـ المونيتور عن أن “اعمق نقطة في بحيرة ساوة تصل الى نحو السبعة أمتار كما ترتفع عن مستوى الأرض المحيطة بها وترتفع عن نهر الفرات بحوالي خمسة أمتار”.

والمدهش في بحيرة ساوة، وفق العامري انها “لا تتصل بأي مصدر مائي سطحي وهي مغلقه تماماً والمصدر الوحيد المغذي لها هي المياه الجوفية والتي تكون بشكل كهوف عميقه لا يعرف لها عمق”.

يقول العامري إنه “لغاية تسعينات القرن المنصرم كان مستوى الماء فيها طبيعيا وتحولت الى مرفق سياحي لأهالي المحافظة”.

ويكشف العامري واحدة من أسباب انحسار المياه عن البحيرة وهو “ارتفاع نسبة الأملاح حول افواه العيون المغذية لها ما تسبب في قلة اندفاع الماء الخارج منها إلى فضاء البحيرة، كما ان التحركات الجيولوجية في باطن الأرض خلق تشققات وصدوع داخلية ما جعل المياه الجوفية تتخذ مسارات منحرفة عن البحيرة”.

ويعتبر مدير بيئة المثنى، يوسف سوادي، في حديثه لـ المونيتور إن “العراق يخسر معلما ثقافيا، ومنطقة بيئية نادرة، كونها غنية بالتنوع البيولوجي من اسماك وحيوانات بحرية وطيور مهاجرة”.

ويرجع سوادي جفاف البحيرة الى أسباب بشرية أيضا “بسبب النشاطات اليومية القريبة من البحيرة حيث توجد استثمارات زراعية وصناعية، مثل معامل الاملاح ومعامل السمنت”.

يتابع سوادي: “هناك أسباب طبيعية حيث اثرت التغيرات المناخية على طبيعة البحيرة لاسيما وان العراق اكثر خمس دول هشاشة امام التغير المناخي، وفي ذي قار ترتفع درجات الحرارة بدرجة كبيرة، فيما العام الحالي لم تسقط الامطار

بشكل كامل على أراضي المحافظة”.

وقال سوادي أن “شحة مياه الفرات الذي يغذي المياه الجوفية القريبة من البحيرة، أوصل مستويات المياه فيها الى الصفر، ولم يتبق الان سوى عين واحدة مغذية بحجم عشرين مترا مربعا”.

يدعو سوادي “المنظمات الدولية والبيئية العالمية، الى انقاذ بحيرة ساوة لانها معلم بيئي وثقافي عالمي تاريخي”،

مناشدا “وزارة التعليم العالي باعتبارها رئيس اللجنة العليا المشرفة على البحيرة، الى العمل على ايجاد الحلول العاجلة لتغذية البحيرة بالمياه، واحياء التنوع البيئي فيها”.

يصبح واضحا أن بحيرة ساوة هي ابرز ضحايا انخفاض مخزون المياه في العراق إلى النصف مقارنة بالعام 2021 جراء قلة تساقط الامطار وانخفاض واردات الانهار من دول الجوار، الامر الذي يستدعي خطة استراتيجية لإنقاذ المسطحات المائية من الاندثار، والأراضي الزراعية من التحول الى صحراء.

اجنادين – متابعة – وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى