الوكلاء!

اجنادين نيوز / ANN
سمير السعد
حين تعلو أصوات الطائفية فجأة، وتُبث رسائل الكراهية، وتُستحضر لغة التحريض، تيقّن أن هناك مشروعًا خفيًا يُراد تمريره في الظل. فكلما ضاق الخناق على منظومة الفساد، وكلما اقتربت استحقاقات وطنية مصيرية، خرج ساسة الطائفية من جحورهم، ينفثون سمومهم القديمة بوجوه جديدة.
هؤلاء لا يملكون مشروعًا وطنيًا ولا خطابًا عقلانيًا، لأنهم ببساطة يعتاشون على الأزمات. الطائفية هي ديدنهم، والفتنة هي رأسمالهم السياسي. يظهرون فقط عندما تهتز مصالحهم أو تلوح في الأفق فرصة لإعادة تدوير نفوذهم عبر البوابة الأسهل ، زرع الشقاق بين أبناء الوطن الواحد.
والمؤلم أن أصواتهم لم تعد خافتة كما في السابق، بل أصبحت صاخبة، تتغذى على منصات مأجورة، وبيانات مفخخة، وترويج ممنهج لخطاب الكراهية.
ليس خافيًا أن تصعيد النفس الطائفي يصب أولاً في مصلحة الكيان الإسرائيلي، الذي لطالما سعى إلى تفتيت المجتمعات العربية من الداخل عبر مشاريع “فرّق تسُد”، مستخدمًا كل وكيله المحلي، وكل طامع في سلطة أو نفوذ.
وفي العراق، تظهر ملامح هذه الأجندة بوضوح حين نرى كيف يُعاد إنتاج الخطاب الطائفي كلما لاح أمل بإصلاح سياسي أو تفكيك منظومة الفساد. أولئك الذين يُجيدون ركوب الموجة الطائفية ليسوا سوى واجهات لمشاريع خارجية، أو بيادق لتحصين مكتسباتهم في الداخل.
فتّش دائمًا عن التوقيت. لماذا الآن؟
ولماذا تعود مفردات الانقسام عندما يبدأ الشارع العراقي بالتقاط أنفاسه، ويطالب بحقه في وطن لا يُقسَّم ولا يُباع؟
هؤلاء لا يظهرون إلا عندما تُهدد مصالحهم. إنهم يتقنون استغلال لحظات الفراغ، ويجيدون تسويق الوهم بأن الطائفة مهددة، بينما الحقيقة أن ما يتهددهم هو وعي المواطن، وسقوط الأقنعة.
لكن، وسط هذا الظلام، هناك جدار حصين، هو اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب، التي تضم رجالات وطنيين مخلصين، مؤمنين بوحدة الصف، مدافعين عن فكرة العراق الجامع، ومواجهين لهذا الفكر المنحرف وغير الأخلاقي. هذه اللجنة تمثل صمام أمان وطني، وخط دفاع حقيقي ضد مشاريع التشظي والتخريب.
إن وكلاء الكيان، ومهندسي الطائفية، وعرّابي الفساد، ليسوا أطرافًا متفرقة، بل أوجه متعددة لعملة واحدة ، عملة التخريب.
فالطائفية ليست رأيًا سياسيًا، بل خيانة وطنية متكررة بثياب جديدة.
وكل من يُروج لها، أو يُبررها، أو يلتزم الصمت تجاهها، هو شريك في مشروع تدمير العراق.
فليكن واضحًا ، لا مكان لهؤلاء في عراق المستقبل.
ولا صوت يعلو فوق صوت المواطنة، والحق، والوطن.