النظام الدولى والعلاقات بين الدول الكبرى

اجنادين نيوز / ANN
الدكتورة كريمة الحفناوي رئيس فرع مصر في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين
مع بداية القرن الواحد والعشرين ومع بدايات صعود أقطاب جديدة فى العالم كالصين وروسيا تهدد الهيمنة الأمريكية على دول العالم وخاصة دول الجنوب، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية فى معادة الصين، وتصاعدت هذه المواجهة فى الفترة الأولى لحكم الرئيس دوناد ترامب والتى بدأت فى يناير 2016، كما استمر التصعيد فى عهد الرئيس جو بايدن وعاد على أشده فى فترة دونالد ترامب الحالية، والتى بدأها بشن عدوان على نظام التجارة العالمى، بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع والمنتجات التى تستوردها الولايات المتحدة الأمريكية من كافة الدول، وخاصة الصين التى فرض عليه ترامب رسوم جمركية جنونية .وصلت ل 125%.
وبالطبع بدأت الصين وكل دول العالم تحذر من ضرر هذه السياسات التى تضر الاقتصاد والسوق العالمى بما فيه أمريكا التى تعانى من أزمة اقتصادية حادة فى الميزان التجارى وفى الدين الداخلى والخارجى.
لم تكتف الدول بالتحذير بل بدأت الصين فى المعاملة بالمثل وأيضا بدأت دول الاتحاد الأوروبى فى مواجهة السياسات الأمريكية، كما بدأت العديد من دول أمريكا اللاتينية فى رفض هذه السياسات وفضحها وفى مقدمتها فنزويلا والمكسيك وبنما وكوبا.
وفى الأسابيع الأخيرة بدأت تحركات كبيرة لتكتلات اقتصادية مؤثرة، من أجل مواجهة السياسات الأمريكية التى تضر بكافة بلدان العالم، نرصد بعضها فى السطور التالية.
فى أواخر الأسبوع الثالث من شهر مايو 2025 عُقِد “منتدى التعاون الإعلامى لدول شنغهاى، فى دولة الصين بحضور 200 ممثل لمؤسسات إعلامية كبرى بالمنظمة الإقليمية، وانعقد المنتدى فى مقاطعة شينجياج الصينية ذات الأغلبية المسلمة “الإيجور”، كرسالة للعالم تعنى السلام والتعايش والتنمية، وسط الحروب والنزاعات التى تعصف بعالمنا فى هذه الفترة العصيبة.
ويهدف المنتدى الذى شاركت فية مصر إلى:
أولاً: تكريس قوة دافعة للسلام والحوار والثقة والسعى لدفع الحوكمة العالمية نحو مسار أكثر عدالة للحفاظ على السلام.
ثانياً: توفير زخم التبادل الحضارى وبناء جسور الصداقة والتفاهم.
ثالثاً: التواصل بين الشعوب، وتوظيف الإعلام لتسهيل التواصل بين السياسات، ونقل المعلومات، ونشر الأفكار، لتعزيز الثقة المتبادلة.
لقد تأسست المنظمة فى عام 2001 من أجل تعزيز السلام والحوار والثقة بين أعضائها، ويجدر الإشارة إلى أن مصر انضمت لمنظمة شنغهاى كشريك إقليمى عام 2022. وتهدف المنظمة إلى تعزيز التعاون فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ومواجهة التكتلات الدولية بالعمل على إقامة نظام ديمقراطى وعادل، ومن أهدافها أيضا، مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف، والتصدى لتجارة الأسلحة والمخدرات.
وفى السادس والعشرين من مايو 2025 عقدت منظمة الأسيان (دول جنوب شرق أسيا) قمة بحضور رئيس وزراء جمهورية الصين الشعبية لى تشيانج، فى كوالالمبور عاصمة دولة ماليزيا وعبَّر قادة جنوب شرق أسيا “الأسيان” عن قلقهم من الرسوم الجمركية ،التى أعلن عنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وقال السيد أنور إبراهيم رئيس ماليزيا “إن دول الأسيان ستشكل جبهة مشتركة لمواجهة التحديات الناجمة عن الرسوم الجمركية الأمريكية”، ووجه رئيس ماليزيا رسالة إلى ترامب طلب فيها عقد قمة بين أسيان وأمريكا هذا العام.
كما أنه يوجد “تجمع بريكس” الذى تأسس عام 2009، ويضم البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا، وانضمت إليهم مصر والإمارات وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران فى مطلع العام الماضى 2024، مع احتمال انضمام السعودية، ومن المعروف أن بريكس تجمع اقتصادى، وتكتل جيوسياسى يضم 45% من سكان العالم وتمتلك دوله 44% من الوقود، ويفكر البريكس فى إطلاق عملة جديدة للتعامل بها بدلا من الدولار، مما يُشكِّل خطرا على مكانة الدولار الأمريكى.
كل هذه التكتلات الاقتصادية والسياسية فى مواجهة الهيمنة الأمريكية الرأسمالية المتوحشة المعسكرة، جعلت الولايات الأمريكية تتخوف من صعود أقطاب جديدة، وفى مقدمتها دولة الصين، التى تخاف منها أمريكا ليس على المستوى الاقتصادى فقط، ولكن على المستوى العسكرى، وخاصة بعد أن ثبت التطور الهائل فى الأسلحة الصينية فى مجالات الدفاع الجوى، والمجال البحرى فى الغوصات، فالصين قادرة على صنع أسلحة فرط صوتية، وبأثمان أرخص من أمريكا مما يجعلها منافساً قويا.
أما الخوف الأمريكى الثانى من الصين هو إحياء طريق الحرير القديم، المعروف الآن باسم “الحزام والطريق” لربط قارتى أسيا وأوروبا، عن طريق برى من خلال السكك الحديدية، وطريق بحرى يمر عبر دول جنوب شرق أسيا والخليج العربى، ومنها إلى قناة السويس وصولاً إلى أوروبا.
وفى إطار مواجهة الهيمنة والبلطجة الأمريكية التى تهدد السوق العالمى بما فيها الداخل الأمريكى، تتخذ الصين وعدد كبير من الدول سياسات لمواجهتها، ومنها التعاون والتشارك مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية، هذا غير استمرار التعاون مع الدول العربية والإفريقية (وفى مقدمتها مصر) القائم على المصلحة المشتركة والمصير المشترك والمنفعة المتبادلة، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية وسيادة الدول، بجانب ضخ استثمارات فى بلدان دول الجنوب خاصة فى الطاقة والبنية التحتية والصناعات الإلكترونية، بجانب تعزيز البرامج الثقافية والتعليمية المتبادلة بين الشعوب.
كما يحرص الحزب الشيوعى الصينى على عقد المؤتمرات مع ممثلى الأحزاب فى الدول الصديقة لتعزيز التعاون الفكرى والثقافى والمعرفى ولتبادل الخبرات، هذا بجانب التعاون فى المجالات الاقتصادية والوقوف مع شعوب دول الجنوب لحل الأزمات والصراعات سلميا.
وتقف الصين موقفا عادلا من القضية الفلسطينية داعية إلى وقف العدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة والضفة الغربية، كما رفضت الإبادة الجماعية والتهجير القسرى والتطهير العرقى للشعب الفلسطينى، وتدعم الحل على أساس إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، واستضافت على أرضها الفصائل الفلسطينية من أجل ذلك.
إننا نتمنى استمرار التعاون بين دول الجنوب من أجل مواجهة هيمنة القطب الواحد، وذلك من أجل عالمٍ متعدد الأقطاب أكثر عدالة، عالمٍ خالٍ من العنف والصراعات، عالمٍ يقوم على تعزيز التعاون من أجل المساواة وخير البشرية والسلام والاستقرار.

زر الذهاب إلى الأعلى