إسرائيل بين القدرة العسكرية والرد العربي: عنجهية تتارية وتحديات مصيرية الجزء الثاني

أجنادين نيوز / ANN
لؤي الكمالي
لم تمضِ ساعات على انعقاد القمة العربية الإسلامية مساء الأمس، حتى سارعت إسرائيل لتكثيف قصفها على غزة، ووسّعت نطاق عملياتها لتصل إلى بيروت والحديدة ودمشق. في رسالة واضحة مفادها أن حساباتها الميدانية لا تأبه بالقمم والبيانات المشتركة، وأن لغة السلاح عندها تسبق لغة الدبلوماسية.
هذا التزامن الفج بين القمة والتصعيد يفضح العقلية الإسرائيلية التي ترى في أي تحرك عربي أو إسلامي تهديدًا يجب وأده بالنار. وكأنها تعلن بصراحة: “اجتمعوا كما شئتم، نحن من يحدد الإيقاع على الأرض”. وهو ما يكشف بوضوح حجم الفجوة بين قوة الكلمة العربية وقوة الفعل الإسرائيلي.
إسرائيل أرادت بهذه الضربات المتزامنة أن تختبر جدية الموقف العربي–الإسلامي. هل ستظل بيانات الشجب تُتلى في القاعات المكيفة، بينما تتناثر أشلاء المدنيين في غزة ودمشق والحديدة وبيروت؟ أم أن ثمة إرادة حقيقية لبناء موقف جماعي يتجاوز حدود التنديد؟
الخطير أن استمرار هذا النمط من الغطرسة قد يدفع المنطقة إلى معادلة أكثر خطورة: إما أن تتحول العواصم العربية إلى أهداف مفتوحة، أو أن تنجح في خلق ميزان ردع يجعل إسرائيل تعيد حساباتها. التجربة تقول إن إسرائيل لا تفهم إلا لغة الرد القوي، وأن كل لحظة تأخير في بناء استراتيجية عربية موحدة تعني المزيد من الدماء.
إن القمة الأخيرة كانت فرصة تاريخية لتشكيل محور ردع عربي–إسلامي حقيقي، لكن إسرائيل بجرأتها أظهرت هشاشة هذا المسار. اليوم لم يعد الحديث عن خيارين؛ بل عن مصيرين: إما أن تتعامل الأمة مع نفسها كقوة متماسكة تفرض احترامها، أو تبقى مجرد جمهور يصفق للبيانات فيما تُستباح عواصمها واحدة تلو الأخرى.



