مسارات السكك الحديدية بين أوزبكستان والصين: التجارة، العبور، ومراكز اللوجستيات الجديدة

أجنادين نيوز / ANN
الأسس التاريخية والجيوسياسية
تتمتع العلاقات بين أوزبكستان والصين بجذور تاريخية تمتد لقرون، حيث كان طريق الحرير القديم يربط بين المناطق ويعزز التعاون الثقافي والتجاري. اليوم، يكتسب هذا الطريق أهمية جديدة كجسر اقتصادي وثقافي وإنساني. تتشارك أوزبكستان والصين وجهات نظر متقاربة حول قضايا الأجندة الدولية، الأمن العالمي، والتنمية المستدامة. تدعم الصين بشكل كامل مسار التنمية المستقل لأوزبكستان والإصلاحات الواسعة النطاق التي يقودها الرئيس شوكت ميرضيائيف.
من خلال تعزيز الروابط في إطار الأمم المتحدة، منظمة شنغهاي للتعاون، وصيغة “آسيا الوسطى – الصين”، تساهم الدولتان في حماية المصالح المشتركة وتعزيز الأمن والتنمية عالميًا. كما ساهمت كل من أوزبكستان والصين في تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون ودعمتا بعضهما البعض في تنفيذ المبادرات المقترحة.
مشروع سكة حديد الصين-قيرغيزستان-أوزبكستان
يُعد مشروع سكة حديد الصين-قيرغيزستان-أوزبكستان، الذي بدأت أعمال بنائه في 27 ديسمبر 2024 في جلال آباد، قيرغيزستان، محوريًا ضمن مبادرة الحزام والطريق. يُشار إليه بـ”مشروع القرن” لأهميته الاستراتيجية في تعزيز الربط الإقليمي. يمتد المسار على طول 532.53 كم من كاشغر إلى توروغارت، مكمال، جلال آباد، وأنديجان، ويتضمن 20 محطة، 42 جسرًا، و25 نفقًا. من المتوقع اكتمال المشروع بحلول نهاية 2030، مع قدرة نقل تصل إلى 15 مليون طن من البضائع سنويًا.
يُتوقع أن يقلل المشروع من تكاليف النقل ومدة التسليم، مما يؤدي إلى خفض أسعار السوق. كما سيوفر آلاف الوظائف الجديدة ويعزز العلاقات التجارية والاقتصادية في المنطقة. وفقًا للدراسات، يمكن أن يجذب المسار حوالي 10 ملايين طن من البضائع المتجهة من الصين إلى تركيا، إيران، تركمانستان، أفغانستان، وباكستان، مع إمكانية زيادة الحجم أربعة أضعاف بحلول 2040 إذا توفرت ظروف مواتية.
تأثير المشروع على التجارة والعبور
يُعد هذا المشروع أقصر وأكثر استقرارًا من مسار السكك الحديدية الحالي “الصين-كازاخستان-أوزبكستان”، حيث يقلل المسافة بمقدار 1035 كم ويوفر أسبوعًا من وقت النقل. بعد اكتماله، سيختصر المسافة بين الصين وأوروبا بـ900 كم وبين الصين وجنوب آسيا بـ1000 كم، مع تقليص زمن النقل بأسبوع في كلا الاتجاهين. هذا سيجعل أوزبكستان مركزًا لوجستيًا رئيسيًا في آسيا الوسطى، معززًا موقعها الجيواقتصادي.
مراكز لوجستية جديدة
لدعم نمو التجارة، أنشأت شركة “أوزتيميريولكونتينر” نقطة تجميع بضائع في لانتشو، الصين، في 2025. كما أُسس مركز لوجستي بمشاركة رجال أعمال أوزبك في “منتزه شنغهاي للتعاون اللوجستي الدولي” بميناء ليانيونغانغ، الذي يُعد مركزًا حيويًا لنقل البضائع مع المقاطعات الشرقية للصين، كوريا الجنوبية، اليابان، ماليزيا، ودول أخرى. ميناء تسينغداو يلعب أيضًا دورًا مهمًا في تسهيل التجارة مع دول شرق وجنوب شرق آسيا.
الأهمية الاقتصادية والإقليمية
لا يقتصر تأثير التعاون في السكك الحديدية على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل يمتد إلى تعزيز الاستقرار السياسي والإقليمي وأمن النقل. يعمل المشروع على تعزيز الروابط التجارية، تحسين كفاءة العبور، ودعم التنمية الاقتصادية من خلال إنشاء بنية تحتية حديثة تشمل مستودعات ومحطات لوجستية. مع وجود شركات صينية كبرى مثل هواوي، زي تي إي، وسينوتراك في السوق الأوزبكي، يتضح الدور المتزايد للتعاون الاقتصادي بين البلدين.
التحديات والتوقعات
على الرغم من التقدم، تواجه المشاريع الضخمة مثل هذا تحديات هندسية ومالية، خاصة مع بناء الأنفاق والجسور. كما أن ضمان التمويل المستدام وتنسيق العمل بين الدول الثلاث يتطلب جهودًا مستمرة. ومع ذلك، فإن الفوائد المتوقعة، من زيادة حجم التجارة إلى تعزيز الروابط الإقليمية، تجعل هذا المشروع استثمارًا استراتيجيًا طويل الأمد.
الخلاصة
يعزز مشروع سكة حديد الصين-قيرغExploreغيزستان-أوزبكستان التعاون الاقتصادي ويرسخ دور أوزبكستان كمركز لوجستي في آسيا الوسطى. من خلال تقصير المسافات وتقليل أوقات النقل، سيسهم المشروع في خفض التكاليف التجارية وتعزيز الاستقرار الإقليمي، مما يعيد إحياء روح طريق الحرير في سياق عصري.