الأُردن والصين: علاقات عبر الألفيات وطُرق الحرير

اجنادين نيوز / ANN

بقلم: فيصل ناصيف صالح

* عضو في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاّب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين – الأُردن.
** تدقيق وتحرير ومراجعة: الأكاديمي مروان سوداح رئيس “الاتحاد الدولي” – الأُردن.

من المهم بمكان استمرارنا في الكتابة عن الذكرى المجيدة الـ45 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا الأردن والصين. كذلك الأمر، في تواصل الكتابة عن ارتباطات الأردن بطريقي الحرير الصيني القديم والحديث منذ عهود ضاربة في القِدم الزماني، ذلك أن هذين الطريقين يكملان بعضهما البعض كطريق واحدة لكن في حقب تاريخية مختلفة.

في تصرح لسعادة السيد حسام الحسيني، سفير المملكة لدى الصين، أكد بأن مشاعر الوداد بين القيادتين الحكيمتين في الأردن والصين ازدهرت خلال هذه السنوات الطويلة التي شهدت تواصل رابطتهما الدبلوماسية، وازدهرت بشكل خاص خلال العشرين عاماً الأخيرة. واسنطرد السفير: نحن نعتز بشكل خاص بأهمية عام 2015، عندما قام الملك عبد الله الثاني والرئيس شي جين بينغ بتوقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية، والتي دشنت مرحلة جديدة من الاقتران المتنوع لتنمية التعاون والتبادل بين الشعبين الصديقين وتعزيز أواصر الصداقة بينهما.

من الضروري الإشارة هنا، إلى إنه ومنذ إقامة الجسور الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة الأردنية الهاشمية، في عام 1977، أضحت تجمع بين البلدين صداقة حميمة، تُوجت بإقامة الشراكة الإستراتيجية بينهما في عام 2015، ومعنى ذلك عميق يرتكز إلى مشتركات أردنية وصينية في الجغرافيا الواحدة والتقارب المكاني، الذي يفرض نفسه على مختلف النقلات السياسية والإقتصادية وغيرها، اتخذتها حكومتا البلدين لتعزيز التعاون الثنائي، المستند عملياً إلى صلات تاريخية ضاربة جذورها في تراب البلدين منذ عهود القياصر الصينيين، أي منذ أكثر من 2000 سنة، إذ نقرأ في الكتب عن ارتباطات تجارية نشطة بين الصين ومملكة البتراء، وسلوك طريق الحرير الصيني القديم دروب الأردن من الشمال والجنوب، وهو ما يؤكد أن الصين ترى في الأردن – ومنذ عهود الإمبرطورية الصينية القديمة المزدهرة وصاحبة الاختراعات المتلاحقة التي إبهرت البشرية آنذاك وحتى اليوم – موقعاً إستراتيجياً بامتياز مَكَّن القوافل الصينية من الانتشار إلى الشرق والغرب من الأردن ومملكة البترا، إذ أن مُفردة “الأردن” تعني “الشدة والغلبة”، وقد لَمس التجار المرتحلين من الصين صوب الأردن دِفء العروة الوثقى مع الأُردنيين القدماء، وشجاعتهم وإخلاصهم للتعامل مع الأجنبي، والمُتاجرة معه بامتياز كما يحدثنا التاريخ القديم.

في جوابه على سؤال طرحته عليه هذا العام 2022 مجلة (الصين اليوم) الناشرة باللغة العربية في بكين: “الكل يعرف مبادرة “الحزام والطريق” و”رؤية الأردن 2025″، فما هي الصلة بين هاتين الإستراتيجيتين الوطنيتين، وما هو الأثر الإيجابي الذي تحدثه الإستراتيجيتان على تنمية البلدين، وعلى تحسين معيشة الشعبين؟ أكد السفير حسام الحسيني أن “رؤية الأردن 2025” رؤية حكيمة من جلالة الملك عبدالله الثاني، هدفها توجيه قدرات الدولة الأردنية للتركيز على العناصر التي تساعد على نهضة الأردن في السنوات الأخيرة والسنوات القادمة، مؤكداً، إن العالم يَمر بتغيرات كثيرة تتطلب جهودا مستمرة لتمكين الأردن من مواجهة هذه التحديات من جانب، ولتوفير التنمية والرفاه لشعبه من جانب آخر. لذلك تركز “رؤية الأردن 2025” على عدة محاور رئيسية وهي: تنمية الفرد وتعزيز مشاركته بنشاط في تنمية الدولة ونهضتها؛ التركيز على ديناميكية الاقتصاد؛ توفير البيئة الآمنة والمستقرة في المملكة الأردنية الهاشمية التي نعتز بمتانتها وصلابتها، والتي من خلالها أصبح الأردن واحة للأمن والاستقرار في منطقة “الشرق الأوسط”؛ وتأكيد فاعلية وكفاءة الأجهزة الحكومية في إدارة الدولة.
ويستطرد السفير بقوله، انبثقت من هذه الرؤية أهداف متعددة تسعى إلى توفير البُنية التحتية لمختلف القطاعات التعليمية والصحة والمواصلات والإسكان والرفاه الاجتماعي وغير ذلك، وأيضاً في الاقتصاد القائم على الشراكة الحقيقية بين القطاع الخاص والقطاع العام، وتعزيز دور القطاع الخاص، بما يساعد على توفير فرص عمل مُستدامة وممكّنة للشباب الأردني، وتوفير بيئة تساعد على تنمية القطاعات الأخرى.
وفي ربطه الواقع الأردني مع طريق الحرير الصيني والتقاطعات بينهما والإفادت المتأتية منهما، نَوَّه السفير إلى إنه وبالنظر لتلك الرؤية، فإنها تتوافق بالتأكيد في الكثير من المواقع مع مبادرة “الحزام والطريق”، التي تهدف لتعزيز التعاون مع الدول الصديقة في بناء البُنية التحتية القادرة على تنمية الاقتصاد التجاري وتسهيل التبادل والتعاون الثقافي أيضاً. لذلك، من دواعي سرورنا أننا من أوائل الدول التي رحبت بمبادرة “الحزام والطريق”، ونسعى دائماً إلى أن نكون فاعلين في التعامل مع تأثيرات هذه المبادرة وفي التعاون المستقبلي بين البلدين.. وهناك بعض المشروعات في الكثير من المجالات المختلقة، التي أُطلقت في الأردن في إطار هذه المبادرة، والتوجهات الأخرى في التعاون الاستثماري والاقتصادي وفي تعزيز الطاقة والصناعات الكميائية وغيرها من المشروعات التي تصب في تعزيز البُنية التحتية، والروابط التي تنطوي تحت مبادرة “الحزام والطريق”، وتعزِّز وتؤكِّد الروابط الخاصة بين الأردن والصين.

زر الذهاب إلى الأعلى