حيدر علييف والثقافة الأذربيجانية

اجنادين نيوز / ANN

بقلم: أ.د. نرجيس علييفا
مدير قسم الدراسة العلمية للتاريخ الاذربيجاني وتقديمه لدى المتحف الوطني للتاريخ الاذربيجاني

وليس في الثقافة الأذربيجانية، التي تعتبر ثروة كبيرة للشعب الاذربيجاني، مجال الا وهو كان محاطا برعاية الزعيم القومي حيدر علييف. عمل الزعيم القومي خلال فترة نشاطه السياسي لتعزيز القيم الثقافية لشعبه وثرواته الوطنية. بعد توليه رئاسة أذربيجان عام 1969، انتعشت في البلد الحياة العلمية والثقافية. وبفضله و رعايته، بدأت تتطور المتاحف والمكتبات وفن الموسيقي والمسارح والسينما وفن النحت والرسم ونسج السجاجيد في أذربيجان. كان الزعيم القومي يعمل على الحفاظ على التراث الثقافي الغني للشعب. قال بهذا الشأن: “يجب على كل مواطن لاذربيجان ان يقيّم هذا التراث ويتحمل مسئولية عميقة من ماضي وحاضر ومستقبل بلدنا الذي يملك تاريخا كبيرا وثقافة غنية ومعنوية عالية.”
مع عودة حيدر علييف سدة الحكم في أذربيجان في 15 يونيو عام 1993، نجا الشعب من الانقسام والتشرذم وبدأ يتطلع الى مستقبل باهر. وبذل الزعيم القومي كل ما في وسعه لتعزيز الدولة الأذربيجانية المستقلة ورفع مكانة أذربيجان على الصعيد الدولي. ان اعمال بناء الدولة التي نفذها حيدر علييف في فترة رئاسته أذربيجان لها اهمية تاريخية كبيرة. اعطى الزعيم القومي أولوية لتطوير الثقافة.
أذربيجان جزء من العالم الإسلامي. قال الزعيم القومي حيدر علييف ان أذربيجان كانت اول بلد في القوقاز اعتنق الإسلام. وقال حيدر علييف في كلمة ألقاها في الندوة الدولية في موضوع “الحضارة الإسلامية في القوقاز”، المنعقدة في باكو في 10 ديسمبر عام 1998 : ” من المعلوم أن إنتشار وتطور الإسلام في القوقاز يبدآن من اذربيجان. جاء الإسلام إلى الشعوب القوقازية بالسعادة والنماء والقيم الإسلامية. إن هذه القيم – القيم الاسلامية النابعة من كتابنا المقدس القرآن الكريم شكلت أساس القيم المعنوية القومية للشعوب القوقازية. من البديهي أن الشعوب التي تعيش في القوقاز كانت لها حضارتها الكبيرة، تاريخها وعاداتها وتقاليدها المميزة قبل اعتناقها دين الاسلام. إن القيم الروحية الدينية للاسلام شكلت مع القيم المعنوية للشعوب القوقازية التي نشأت وتطورت منذ زمن القيمَ المعنوية القومية السامية عند الشعوب.”
اصدر حيدر علييف قرارات واتخذ تدابير عديدة في تحسين العمل المتحفي في أذربيجان ابتداء من السنوات الأولى من رئاسته في أذربيجان. في هذا السياق تم تنظيم ندوات في المدن والاقاليم الأذربيجانية لتحسين سياسة إعداد كوادر للمتاحف. كانت هذه الندوات تتمركز في موضوع انشاء متاحف شعبية ومسائل دعم تأسيس مقتنياتها فضلا عن إعداد كوادر متخصصين.
بفضل العمل الدؤوب للزعيم القومي ورعايته الكبيرة أنشئت متاحف مختلفة في انحاء أذربيجان. كان يراعي مجالات الثقافة والفنون في الجمهورية اثناء رئاسته. وهذا أدى الى اتخاذ الفنون الأذربيجانية مكانا مستحقا لها على صعيد الثقافة العالمية وبدء تبليغها لشعوب العالم وتوسيع علاقات الشعب الاذربيجاني الثقافية مع شعوب العالم.
اكد الزعيم القومي دائما ان التراث الثقافي للشعب وكذلك قيمنا المعنوية تشكل أساس وجودنا القومي السياسي. وقال : ” يجب على كل أذربيجاني ان يفتخر بهويته القومية وعلينا ان نحافظ على اللغة الأذربيجانية وثقافتها وقيمها القومية المعنية وتقاليدها.”
جعل حيدر علييف مسألة الهوية القومية من أهم المسائل خلال فترة توليه الحكم. كذلك كان يراعي ويبلغ التراث الثقافي لشعبه الاذربيجاني في أيام الاتحاد السوفييتي.
كان هذه الشخصية الأذربيجانية البارزة والسياسي المحنك يعتبر الثقافة ثروة كبيرة لشعبه قائلا: “يُعرف ويُعترف كل شعب بالعديد من خصائصه ويتميز بها بين الشعوب الأخرى. اكبر واهم هذه الخصائص هي الثقافة”. كان هذا الانسان الحكيم يسعى الى صون القيم الثقافية المعنوية وتبيلغها وتشكل نظام يملك إمكانيات واسعة لإبداع المؤلفات الجميلة الجديدة.
قد ساهم الزعيم القومي للشعب الاذربيجاني في تبليغ فطاحل الشعر ونجوم الثقافة الاذربيجانيين على الصعيد العالمي. خلال فترة رئاسته للجمهورية اقيمت الاحتفالات احياء لذكرى ميلاد نظامي كنجوي ومحمد فضولي وعماد الدين نسيمي الذين أعطوا اسهامات أدبية كبيرة لإثراء الادب العالمي. كذلك أنشئت خلالها متاحف تذكارية للملحن الاذربيجاني الشهير عزير حاجيبايلي والروائي الشهير جعفر جبارلي ونريمان نريمانوف وتمثال ناتاوان وانشاء ضريح الشاعر ملا بناه واقف في شوشا وغيرهم من الشعراء والعلماء وارباب الفن.
قد شهد قطاع السينما ازدهارا في فترة حكم الزعيم القومي حيدر علييف في أذربيجان. بدأ استديو “أذربيجان فيلم” ينمو وينتج أفلاما كثيرة بتمويل الدولة.
كذلك اضافت التماثيل والمباني الانيقة التي أنشئت على الطرازين المعاصر والكلاسيكي في فترة قيادته للجمهورية جمالا إضافيا لمنظر باكو.
خلال هذه السنوات تعززت علاقات أذربيجان مع الدول والمنظمات الدولية. أقيمت احتفاليات عظيمة مكرسة ليوبيل الشعراء والادباء والفنانين البارزين الاذربيجانيين وايام الثقافة الأذربيجانية في عواصم الدول المختلفة. تم تبني قوانين وتشريعات عديدة تنظم السياسة الثقافية وعمل المتاحف ودور الطباعة والسياحة والارشيفات والعمران وغيرها في أذربيجان.
لم يأل حيدر علييف جهدا في تطوير العمل المتحفي في الجمهورية. نتيجة لهذا النشاط وبتوجيهاته، انعقد في مجلس الوزراء اجتماع لعمال المتاحف في ديسمبر عام 1993.
كان حيدر علييف يبدي أهمية لتعزيز العلاقات بين أذربيجان والمنظمات الدولية. خلال فترة رئاسته للجمهورية تطور تعاون مع اليونسكو. والدليل البارز على هذا التعاون هو الاحتفال في اليونسكو باليوبيل الخمسمئة للشاعر الاذربيجاني محمد فضولي وذكرى مرور 1300 عام على ملحمة “كتاب ده ده قورقود”، وإدراج قلعة العذراء في المدينة القديمة ومجمع قصر ملوك شيروان (شيروانشاه) في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2000.
يواصل الرئيس الاذربيجاني الحالي إلهام علييف بنجاح سياسة حيدر علييف في كافة المجالات، منها الثقافية. يمت إعادة ترميم كل المباني والصروح الثقافية ومباني المسارح في الجمهورية. يواصل الرئيس إلهام علييف والنائبة الأولى للرئيس ورئيسة مؤسسة حيدر علييف مهريبان علييفا بنجاح تحقيق أفكار واهداف الزعيم القومي للشعب الاذربيجاني.
إن مؤسسة حيدر علييف لها خدمات عظيمة في تنفيذ السياسة الثقافية التي كان يمارسها الزعيم القومي في حينه. وتقدم السيدة مهريبان علييفا إسهاما لا مثيل له في رعاية التراث الثقافي المعنوي وحمايته في الجمهورية. لها دور كبير في تطوير فن موسيقى المقام وتعريف العالم بالثقافة الأذربيجانية. تشهد عاصمة أذربيجان واقاليمها حاليا نموا متواصلا لامثيل له. بعد تحرير أراضي الوطن من قبضة الاحتلال الأرميني، يتم إعادة إعمار كل ما دمرته قوات الاحتلال و تنشأ في قره باغ وزنكزور الشرقية صروح ثقافية ومباني ومدارس فنون ومسارح جديدة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى