تطور النظام الدولى فى العام الجديد

اجنادين نيوز  / ANN

بقلم الدكتورة كريمة الحفناوي

إعلامية مصرية معتمدة للنشر في شبكة طريق الحرير الصيني الأخبارية في الجزائر والوكالات العربية الإخبارية المتحالفة اجنادين والحرير السندباد والمدائن وآشور و عضو متقدم ناشط في الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين

استمرت السياسة الخارجية للرئيس الأمريكى جو بايدن على منوال سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب باعتبار أن الخصمين الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية هما الصين وروسيا وأنهما يمثلان تهديدا اقتصاديا وعسكريا وفضائيا، واستمرت السياسة العدائية ولكن بأسلوب يجمع بين التهديد والدبلوماسية الهادئة.
ومع بداية العام الجديد تصاعدت التوترات بين الصين وأمريكا فى منطقة البحر الجنوبى والمحيط الهندى وتايوان، وتصاعدت التوترات بين روسيا وأمريكا فى منطقة أوكرانيا كما تصاعدت وتيرة الحرب الباردة باستمرار فرض العقوبات الاقتصادية ،واستخدام ملف “الديمقراطية
وحقوق الإنسان” للهجوم على الخصم الأول جمهورية الصين الشعبية.
يقول الدكتور سمير فرج فى مقاله بجريدة الأهرام الخميس 30 ديسمبر 2022 تحت عنوان العالم إلى أين 2022 “إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الصين العدو الأول وتليها روسيا، ثم مشكلة كوريا الشمالية، ثم الشرق الأوسط وفى القلب منه إيران”.
ومن المعروف أن العداء بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين يأتى مواكبا لصعود الصين عالميا كقطب جديد يزاحم القطب الأمريكى الأوحد المسيطر والمهيمن على العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتى فى تسعينيات القرن الماضى، ليصبح العالم متعدد الأقطاب فى المرحلة القادمة، ويظهر هذا جليا واضحا فى التنافس الاقتصادى والعسكرى والفضائى والتكنولوجى.
المجال الاقتصادى
ففى الاقتصاد نجد وفقا للإحصاءات الأخيرة أن الناتج القومى الإجمالى لأمريكا يساوى حوالى 21 تريلون دولار، والناتج القومى الإجمالى للصين يساوى حوالى 15 تريليون دولار، ولكن وفقا لنظام تعادل القوى الشرائية نجد أن الصين تعتبر القوة الاقتصادية الأولى فى العالم،.وبالنسبة للميزان التجارى منذ عام 2017 فهو لصالح الصين حيث كانت واردات أمريكا من الصين 505 مليار دولار، وحجم صادراتها للصين 130 دولار وهذا معناه العجز فى الميزان التجارى الأمريكى 375 مليار دولار، وهذا يفسر بالطبع الحرب التجارية التى شنها دونالد ترامب على الصين ومستمرة حتى الآن.
هذا بجانب الاستثمارات الصينية الكبيرة فى الدول العربية والأفريقية ودول العالم الثالث فى مجالات البنية التحتية وخاصة فى مجال النقل والمواصلات، ومجال الطاقة الجديدة والتكنولوجيا الرقمية، أيضا انضمام معظم دول العالم لمبادرة الحزام والطريق الصينية والتى تربط الصين بدول العالم تجاريا واقتصاديا، زد على ذلك تقدم الصين فى التكنولوجيا الرقمية وتكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات بجانب تقدمها فى مجال الذكاء الاصطناعى سواء فى المجال المدنى أو العسكرى.
وبالسبة لروسيا الصاعدة اقتصاديا والتى توسعت فى الإنتاج الصناعى، كما استمرت “رغم التهديد الأمريكى بخصوص خطوط الغاز،” فى إنشاء خط الغاز الطبيعى نوردستريم2 بينها وبين ألمانيا لنقل الغاز من أراضيها لألمانيا ودول شمال أوروبا وهذا بجانب إنشاء خط آخر يمر بتركيا “خط السيل التركى” لنقل الغاز الروسى عبر البحر الأسود لدول أوروبا.
المجال العسكرى
وإذا انتقلنا للمجال العسكرى فنجد أن روسيا تحتل المركز الثانى عالميا بعد أمريكا فى القوة الاستراتيجية العسكرية وفقا لمؤسسة “جلوبال فاير باور” من حيث التطور فى السلاح الجوى والبرى والبحرى وبخاصة فى مجال الصواريخ بعيدة المدى ذات السرعات التى تفوق سرعة الصوت.
وتحتل الصين وفقا لتصنيف مؤسسة جلوبال فاير باور المركز الثالث عالميا بعد أمريكا وروسيا فى مجال القوة العسكرية بزيادة الإنفاق العسكرى لديها فى السنوات الأخيرة والذى وصل ل 250 مليار دولار للاستثمار فى تكنولوجيا السلاح والتمدد فى محيطها الجغرافى فى المحيطين الهادى والهندى والحصول على تسهيلات وقواعد عسكرية فى بعض الدول والموانىء حول العالم ومنها دولة جيبوتى فى شرق إفريقيا، وفى دولة غينيا بيساو.غرب إفريقيا المطلة على المحيط الأطلنطى.
لقد استمرت الصين فى تطوير اسلحتها وفاجأت العالم باختبار صواريخ تبلغ سرعتها 5 أضعاف سرعة الصوت وتدور على ارتفاع منخفض حول الأرض بما يصعب رصدها، هذا غير السفن والغوصات الحربية المتطورة، والطائرات المقاتلة الجديدة الأكثر تطورا فى مجال السلاح الجوى.
المجال الفضائى
قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى أوائل القرن الواحد وعشرين “إن من يملك الذكاء الاصطناعى يملك القرن الواحد والعشرين”.وبالطبع هذا صحيح حيث يتغلغل الذكاء الاصطناعى كما يقول العلماء فى جميع المجالات من الكومبيوترات فائقة السرعة، وتوجيه الصواريخ، ومجال تكنولوجيا الفضاء، والروبوت، والسيارات والطائرات والغواصات ذاتية القيادة.
ولقد ثبت صحة هذا القول ونجد الآن التفوق الروسى والصينى على أمريكا حيث نجحت كل من روسيا والصين فى مجال إطلاق محطات فضائية دائمة وأيضا مجال تكوين قوة فضائية عسكرية حيث نجحت الصين فى إطلاق صاروخ باليستى لتدمير قمر صناعى تابع لها فى الفضاء، كما نجحت روسيا فى نفس التجربة.
إن العالم فى بدايات العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين سيكون أمام تغيرات فى النظام الدولى العالمى بصعود الصين وروسيا أى عالم متعدد الأقطاب، ولذا ستشدد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى بجانب بؤر الأزمات والصراعات المحتدمة فى الوطن العربى ومنطقة الشرق الأوسط، ومنها حرب الخليج والحوثيين فى اليمن، واستمرار التوتر فى سوريا، وليبيا، واستمرار الاعتداءات الصهيونية على مناطق فى سوريا والجولان المحتلة واستمرار الاعتداءات والهجمات الصهيونية على الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة الغربية المحتلة، بجانب التفاوض حول الاتفاق النووى الأمريكى – الإيرانى، والعلاقة بين دول الخليج وإيران، والانسحاب الأمريكى العشوائى من أفغانستان وصعود طالبان للسلطة، وأيضا الأزمة السياسة والاقتصادية فى تركيا ومحاولة إردوغان التمدد فى بلدان منها ليبيا وسوريا. .
هذا بجانب تنامى صعود التيارات القومية اليمينية فى البلدان الأوروبية وخطورته فى معادة الشعوب والمهجرين، وذلك نتيجة النمو المتصاعد للديون وتفشى البطالة وفشل السياسات فى مواجهة فيروس كورونا، مما يزيد من فرص التيارات اليمينية فى اعتلاء السلطة.
نتيجة لكل هذا تساءل عدد من المحللين السياسيين والاقتصاديين والمفكرين والكتاب المصريين ماذا بشأن العلاقات العربية الصينية؟ وماذا بشأن العلاقات المصرية الصينية؟ وذلك فى ظل العلاقة القوية بين الأنظمة العربية وبين الولايات المتحدة الأمريكية والتى تصل لحد التبعية فى كثير من البلدان.
يقول الكاتب محمد كمال فى مقاله “مصر بين أمريكا والصين” فى جريدة الأهرام الأربعاء 29 ديسمبر2021 “استطاعت مصر أن تحافظ على علاقتها المتميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعلاقتها المتنامية مع الصين حتى الآن، ماذا لو احتدم التنافس بينهما؟ هذا ليس فى مصلحة الدول العربية ودول منطقة الشرق الأوسط، لأن التنافس الذى يؤدى بالطبع لحرب باردة تفرض على الدول الانحياز لإحدى هاتين القوتين، هل ستستمر مصر والدول العربية على تطوير علاقتها بالتوازن مع كل من الصين وأمريكا؟.
ويقول الكاتب الدكتور أحمد يوسف أحمد فى مقاله “العرب والتنافس الأمريكى الصينى” بجريدة الأهرام الخميس 6 يناير 2022 ” ماذا بشأن المواقف العربية من هذا التنافس، لوطُلِب من أى دولة الانحياز لإحداهما، حيث العلاقات العربية الصينية الاقتصادية علاقات كبيرة، ومع استمرار تصاعد الصين دوليا وتعزيز هذه العلاقات، سيصبح على الدول العربية التعامل بحرية مع كلتا الدولتين كقطبين موجودين نتيجة لعدم احتكار قطب واحد لأوراق القوة (أمريكا). ؟”.
وإننى أضم صوتى لهذا التساؤل وأزيد هل يمكن فى ظل عالم متعدد الأقطاب أن تنظر الأنظمة العربية لمصلحة دولها وشعوبها؟، وهل يمكن أن تقيم الأنظمة العربية علاقات متوازنة مع عالم متعدد الأقطاب من أجل تحقيق المنفعة والمصلحة المشتركة لخير وسلام الشعوب؟.

زر الذهاب إلى الأعلى