التطور الحكومي في العراق باستخدام البرامج الرقمية

اجنادين نيوز / ANN
الأستاذة صبى عبدالواحد
شهدت الحكومة العراقية في السنوات الأخيرة تحوّلًا تدريجيًا نحو الرقمنة والإدارة الإلكترونية، وذلك في إطار سعيها لتحسين كفاءة العمل الإداري، وتقليل الروتين، ومحاربة الفساد، وتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين. وقد أدركت الحكومة أن الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة يمثل ركيزة أساسية لبناء دولة مؤسسات فاعلة، قادرة على مواكبة التطورات العالمية وتلبية احتياجات المجتمع العراقي المتزايدة.
بدأت ملامح هذا التحوّل تظهر من خلال تبني مشاريع رقمية متعددة، منها إطلاق منصات إلكترونية لتقديم الخدمات الحكومية مثل إصدار الوثائق الرسمية، والتقديم على الوظائف، ودفع الضرائب، وكذلك اعتماد قواعد البيانات المركزية لتوثيق المعلومات والحد من التزوير والتكرار في السجلات. كما تم تطوير البنى التحتية الرقمية في عدد من الوزارات، أبرزها وزارة الداخلية التي اعتمدت نظام البطاقة الوطنية الموحدة، ووزارة المالية التي باشرت ببرنامج الأتمتة للرواتب والموازنات، إضافة إلى وزارة التعليم العالي التي وسّعت من خدمات القبول الإلكتروني والامتحانات الرقمية.
واحدة من أبرز إنجازات الحكومة في هذا المجال هو إطلاق بوابة “أور” الإلكترونية، والتي تهدف إلى ربط مؤسسات الدولة بمنصة رقمية موحدة تُسهّل تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين بصورة مباشرة ومن دون الحاجة لمراجعة الدوائر. وقد ساهمت هذه المنصة في تعزيز الشفافية وتبسيط الإجراءات، وتقليل التماس المباشر بين المواطن والموظف، مما حدّ من فرص الابتزاز والفساد.
كذلك أظهرت الحكومة، ممثلة برئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التزامًا واضحًا بدعم التحول الرقمي من خلال تشكيل مجلس أعلى للتحول الرقمي، وإدخال التكنولوجيا في مختلف القطاعات، بما في ذلك التعليم، والصحة، والزراعة، والطاقة، مع التركيز على تدريب الموظفين الحكوميين ورفع كفاءاتهم الرقمية.
التحديات التي تواجه هذا المسار لا تزال قائمة، ومن أبرزها ضعف البنية التحتية التكنولوجية في بعض المناطق، وقلة الكفاءات الفنية المتخصصة، فضلاً عن الحاجة إلى توعية المواطن بثقافة الاستخدام الرقمي. ورغم ذلك، فإن الحكومة تمضي بخطى ثابتة لتجاوز هذه العقبات، من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، والاستعانة بالخبرات الدولية، وسنّ القوانين التي تنظم التعامل الرقمي وتحفظ أمن البيانات والمعلومات.
في الختام، يمثل التحول الرقمي في الحكومة العراقية خطوة استراتيجية نحو بناء دولة عصرية حديثة، تقوم على الشفافية والكفاءة والمساءلة. ورغم أن الطريق ما زال طويلاً، إلا أن المبادرات الحالية تُعدّ مؤشراً إيجابياً على وجود إرادة حقيقية لدى صناع القرار لإحداث تغيير جوهري في نمط إدارة الدولة، بما ينعكس إيجابًا على المواطن العراقي ويعزز من ثقته بمؤسسات الدولة.