سعادة سفير جمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية العراق السيد تسوي وي :((تذكر التاريخ، التركيز على الحاضر التعاون في بناء المستقبل))

اجنادين نيوز / ANN
يصادف هذا العام الذكرى الـ80 لانتصار حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. قبل 80 عامًا، انتشرت نيران الحروب التي شنتها الفاشية في أكثر من 80 دولة ومنطقة، مما أثر على ما يقرب من ملياري شخص، وألحق دمارا كارثيا غير مسبوق بالحضارة البشرية. كانت الصين ساحة القتال الآسيوية الرئيسية للحرب العالمية ضد الفاشية. بعد 14 عاما من النضال الدؤوب والشاق، حقق الشعب الصيني الانتصار العظيم في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني. كانت هذه الحرب من نضال التحرير الوطني الذي استمر لوقت أطول وبحجم أكبر وبتضحيات أشد للشعب الصيني ضد العدوان الأجنبي في التاريخ الحديث، وهو أول نضال التحرير الوطني الذي حقق النصر الكامل. ستقيم الصين الاحتفال لإحياء الذكرى الـ80 لانتصار حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني في 3 سبتمبر، من أجل تمجيد الأبطال الراحلين وتعظيم الروح العظيمة لحرب المقاومة سويا مع شعوب العالم.
نحن نحتفل بهذا النصر ليس لإدامة الكراهية، بل من أجل الاستفادة من التاريخ والتعلم منه الحكمة والقوة. نتذكر التاريخ، ونركز على الحاضر، ونتعاون في بناء المستقبل.
أولا، الاحتفال بهذا النصر العظيم هو من أجل تذكر التاريخ.
تعد حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني جزءا مهما للحرب العالمية ضد الفاشية. وقد ساهم نضال الشعب الصيني البطولي مساهمة جسيمة لا تنسى ولا تمحى في انتصار الحرب العالمية ضد الفاشية. أشار الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى أنه “كانت حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني، منذ بدايتها، تتمتع بأهمية بالغة في إنقاذ الحضارة البشرية وحماية السلام العالمي، وهي جزء مهم للحرب العالمية ضد الفاشية”. خاض الشعب الصيني نضالا لـ 14 عاما، ونجح في إبقاء ومحاربة أكثر من 70 % من القوات البرية اليابانية. تكبدت الأمة الصينية أكثر من 35 مليون ضحية بين عسكريين ومدنيين وخسائر اقتصادية تجاوزت 600 مليار دولار. وخلال الحرب العالمية الثانية، أنقذ الجنود والمدنيون الصينيون آلاف الطيارين الأمريكيين المظليين وأسرى الجيش البريطاني. عمل البحارة الصينيون على “شريان الحياة” للنقل البحري، واستمروا في توريد زيت التونغ وخام التنغستن من الصين إلى خطوط الإنتاج العسكرية لدول الحلفاء، مما قدم إسهاما كبيرا في ساحات القتال الأخرى ضد الفاشية. لقد أنقذ الشعب الصيني الأمة الصينية من الأزمة من خلال تضحياتهم ونضالهم، وحافظ على السلام العالمي. في الوقت نفسه، لن ينسى الشعب الصيني مساهمات شعوب العالم في انتصار الصين في حرب المقاومة، وستبقى قصصهم المؤثرة وأخلاقهم الكريمة محفورة في قلوب الشعب الصيني إلى الأبد!
ثانيا، الاحتفال بهذا النصر العظيم يتطلب من التركيز على الحاضر.
لا يزال العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية بعيدا عن السلام والاستقرار، إذ يمر الوضع الدولي بالتغيرات والاضطرابات والصراعات الإقليمية المتكررة. في السنوات الأخيرة، تتصاعد الهيمنة السياسية والأحادية الاقتصادية والعدمية التاريخية ، وتتكرر الصراعات الإقليمية باستمرار، وظهرت موجة معاكسة ضد العولمة، مما أثر بشدة على الأمم المتحدة وغيرها من الآليات متعددة الأطراف، ويضع الحوكمة العالمية في مفترق حاسم ما بين التقدم أم التراجع. أصبحت هناك قضية تجذب اهتماما عاليا من المجتمع الدولي حول كيفية إصلاح وتحسين نظام الحوكمة العالمية. هل نفضل السلام والتنمية أم الحرب والتراجع؟ هل نفضل الانفتاح والشمول أم العزلة؟ هل نفضل التعاون والكسب المشترك أم اللعبة الصفرية؟ هناك جواب واضح من شعوب العالم.
على مدار الـ70 عاما الماضية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، لم تشن الصين ولو حربا واحدة، وهي التي تتمتع بأفضل سجل من حيث حفظ على السلام والأمن من بين الدول الكبرى. في السنوات الأخيرة، لعبت الصين دورا في التوسط ودفع الحوار في كل من قضايا الشرق الأوسط وأفغانستان والقضية النووية في شبه الجزيرة الكورية والأزمة الأوكرانية وغيرها. أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ على “أن أثمن درس تعلمناه من انتصار حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية هو ضرورة الالتزام الثابت بالطريق التنموي السلمي”.
ثالثا، الاحتفال بهذل النصر العظيم يدعو إلى التعاون في بناء المستقبل المشترك للبشرية
يعد مفهوم بناء مجتمع مستقبل مشترك للبشرية الذي طرحه الرئيس الصيني شي جينبينغ وراثة وتطويرا للتجربة القيمة لانتصار الحرب العالمية الثانية. وهو الذي ساهم بالحلول الصينية في الحفاظ على إنجازات السلام والتنمية التي تحققت بجهود شاقة، وبناء عالم أكثر استقرارا وازدهارا وانسجاما.
في المستقبل، تحرص الصين على التعاون مع المجتمع الدولي لحماية العدالة والإنصاف، وتجسيد الرؤية الصحيحة للحرب العالمية الثانية، ومعارضة أي محاولة أو تصرفات لإنكار أو تحريف أو تزوير تاريخ الحرب العالمية الثانية؛ وحماية النظام الدولي الذي تكون الأمم المتحدة مركزا له، وممارسة تعددية الأطراف الحقيقية، ومعارضة الأحادية والسلوكيات المهيمنة وخاصة التنمر باستغلال القوة، والالتزام بالمساواة وتبادل الاحترام كأسلوب التعامل الصحيح بدلا من قانون الغابات المتمثل بالغالب والمغلوب؛ ومواصلة الجهود في بناء التعددية القطبية المتمثلة بالمساواة والانتظام والعولمة الاقتصادية المتصفة بالشمول والكسب المشترك، ودفع الحوكمة العالمية أن تتطور نحو الاتجاه الأكثر عدالة ومعقولية.
تعد حماية السلام وتعزيز التنمية وإحياء النهضة الوطنية هي التطلع المشترك للشعبين الصيني والعراقي. يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لتأسيس الشراكة الاستراتيجية بين الصين والعراق، وكذلك الذكرى العاشرة لتوقيع بيان التعاون في بناء الحزام والطريق. على مدى العقد الماضي، تطورت العلاقات الثنائية بشكل سليم ومستقر، وحقق التعاون العملي نتائج مثمرا في مختلف المجالات. لقد أصبح العراق شريكا مهما للصين في بناء الحزام والطريق. تحرص الصين على أن تكون شريكا للعراق للعمل سويا على تعزيز التطور وتوطيد الأمن وإحياء الحضارة، وأخذ مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ، لتعزيز التعاون العالي الجودة في بناء الحزام والطريق وخلق فرص تنموية جديدة؛ والحفاظ المشترك على السلام والاستقرار الإقليميين، وحماية السلام والأمان في العالم؛ وتكثيف التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات، والاستفادة من الإنجازات الثقافية المتميزة للحضارات المختلفة، لغرض تجسيد القيم المشتركة للبشرية جمعاء.
دعونا أن نرسخ الثقة ونمضي قدما بشجاعة وعزيمة، ونستمد الحكمة والقوة من الانتصار العظيم في الحرب العالمية ضد الفاشية، للحافظ على نتائج التعاون الثنائي المثمرة بين البلدين، ومضاعفة جهودنا لصالح شعبي البلدين، ومواصلة المساهمة في تعزيز السلام والتنمية في
العالم!