السفير شورش خالد سعيد: “طريق التنمية” متمم لمبادرة “الحزام والطريق”

اجنادين نيوز / ANN

مجلة الصين اليوم

Sourceفريدة تشانغ منغ فان:Author

((الصين اليوم)): في البداية نشكركم سعادة السفير على إجراء هذه المقابلة مع مجلة ((الصين اليوم)). الصداقة بين الصين والعراق تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، ويصادف هذا العام الذكرى السنوية الخامسة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. نرجو أن تحدثنا عن تجاربكم ومشاعركم الشخصية تجاه هذه العلاقات الودية منذ توليت مهامكم كسفير العراق لدى الصين.
السفير: قبل عدة أيام نظمنا احتفالية كبيرة في وزارة الخارجية في بغداد وشارك عدد كبير من الحاضرين، من بينهم سفير الصين لدى العراق بهذه المناسبة المهمة، 65 عاما للعلاقات الدبلوماسية بين العراق والصين. علاقات الشعبين الصيني الشقيق والعراقي تمتد إلى جذور تاريخ عريق، بدأت قبل حوالي 2000 سنة، أيام خلافة أبي جعفر المنصور وهارون الرشيد وأيام طريق الحرير القديم، كانت هناك قوافل التجار من مناطق من الصين تمر عبر آسيا الوسطى والعراق. هناك أساطير كثيرة وسجلات طويلة في تاريخ العلاقات بين العراق والصين، يقال إن إمبراطور أسرة تانغ طلب من أبي جعفر المنصور المساعدة في إخماد الأطراف التي كانت تقوم بفتنة داخلية محلية، وبالفعل قام أبو جعفر المنصور بإرسال عدد كبير من القوات إلى الصين للمساعدة، وبقي قسم من الجنود في الصين وتزوجوا وتكاثروا في ذلك الحين، فإذن العلاقات بين الدولتين علاقات تمتد إلى تاريخ طويل. خلال هذه الفترة تطورت العلاقات بشكل أعمق وأكثر في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية والسياسية والثقافية، وكذلك نشهد تطورا في العلاقات العسكرية.
لقد عملت خلال السنتين والنصف الماضية في الصين، وكان ذلك في فترة جائحة كوفيد- 19، لكن بالرغم من هذه الجائحة أثبتنا بأن في أيام الصعاب أصبح التعاون مهما جدا، فنحن تلقينا مساعدات كبيرة من الأصدقاء في الصين في مجال المختبرات الصحية وكذلك اللقاحات ضد كوفيد- 19. التجربة الصينية كانت تجربة فريدة في هذا الوقت، واستفادت الحكومة العراقية والحكومات الأخرى منها، وهذه كانت تجارب مهمة في التعاون بين الجانب الصيني والجانب العراقي. وكذلك نشهد النمو الاقتصادي والتبادل التجاري بين الطرفين حيث وصل التبادل التجاري بين الجانبين في العام الماضي إلى أكثر من 53 مليار دولار أمريكي وهذا رقم جيد، والعراق اليوم الشريك التجاري الثالث للصين في منطقة الشرق الأوسط والصين الشريك الأول التجاري بالنسبة للعراق، وهذا شيء مهم.
في برقية التهنئة قبل عدة أيام من قبل الرئيسين، فخامة الرئيس عبد اللطيف رشيد وفخامة الرئيس شي جين بينغ، أكد الطرفان على أهمية الاستمرار في تطوير العلاقات بين الجانبين وهناك رغبة جيدة وصادقة وحقيقية من قبل الرئيسين لتطوير هذه العلاقات، وكذلك نذكر بأن آخر لقاء كان بين فخامة الرئيس شي جين بينغ مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في الرياض في نهاية العام الماضي على هامش القمة العربية- الصينية المهمة، أيضا أكد الجانبان على أهمية تطوير العلاقات بين الصين والعراق. ونحن نعمل اليوم، خاصة منذ بداية السنة بعد إلغاء كل الإجراءات حول جائحة كوفيد- 19، وهناك نشاط كبير في الساحة الصينية في اللقاءات والصياغات والنشاطات التجارية والمعارض والمؤتمرات، العراق مشارك جيد في جميع هذه النشاطات، ونحن نطمح أن تشهد العلاقات مستويات أخرى. فكما تعرفون في عام 2015 وبعد زيارة دولة رئيس الوزراء العراقي السابق إلى الصين، تغير مستوى العلاقات الصينية- العراقية إلى مستوى الشريك الإستراتيجي، وكذلك أكدنا هذه الشراكة في عام 2019 عند زيارة دولة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، واتخذنا مبدأ أهلية جديدة في التعاون الاقتصادي، الإنفاق مقابل الأعمال، وهذا أثر بشكل مباشر في تطوير عمل الشركات الصينية في العراق.
((الصين اليوم)): خلال السنوات العشر منذ طرح مبادرة “الحزام والطريق”، تعاونت الصين والعراق لتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك في إطار المبادرة. كيف ترون التغيرات الجديدة والنتائج الإيجابية بين الصين والعراق في كافة المجالات؟ وما هي مجالات التعاون الجديدة في المستقبل؟
السفير: انضمت العراق إلى المبادرة المهمة من قبل فخامة الرئيس شي جين بينغ في عام 2015، ومنذ دخولنا للمبادرة عملنا بشكل مكثف مع الأصدقاء في الصين للاستفادة من هذه المبادرة. وخلال هذه الفترة كان هناك خطوات لتشجيع الاستثمار والتطور في المجال التجاري والاقتصادي بين البلدين، فكان هناك عمل من شركات صينية كبيرة في العراق في مختلف المجالات.
قد شهدت علاقات الطرفين بعض التطورات بعد هذه المبادرة، حيث في هذا العام تم افتتاح قنصلية عراقية في مدينة قوانغتشو، وكذلك القنصلية العام الصينية في مدينة البصرة، والبصرة مدينة مهمة جدا، فهي العاصمة الاقتصادية والشريان الاقتصادي العراقي، لذلك نرى أن افتتاح القنصليتين يعطي دفعة قوية للتطور الاقتصادي وتطور العلاقات الدبلوماسية.
هناك أمور ومستجدات جديدة على الساحة العالمية وعلى الساحة الإقليمية، فنرى أن هناك أزمة عالمية كبيرة. العالم اليوم متأزم بحروب ونزاعات عالمية وإقليمية، لذلك دور التعاون بين الدول مهم وخاصة بين العراق والصين. لعب العراق دورا كبيرا في التقارب بين المملكة العربية السعودية وبين الجمهورية الإسلامية في إيران، وكانت هناك خمس جولات للمفاوضات، دشنت كل هذه المحاولات في انعقاد جولة مهمة في بكين وتم هناك الاتفاق بين السعودية وإيران، والوسيط الصيني أثبت جدارته في هذا المجال، وانعكاس تطور العلاقات أو تطور الاتفاقية بين السعودية وإيران وتأثيرها الكبير على الشرق الأوسط وعلى العراق وعلى الدول الأخرى، لذلك نرى أن التعاون في مجالات المنظمات الدولية مهم بالنسبة للعراق وبالنسبة للصين وبالنسبة للعالم.
مبدأ العلاقات بين العراق والصين هو مبدأ التعاون والمصلحة المشتركة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية بين البلدين والتعاون والصداقة بين الشعبين، فهو ليس ضد أحد، والعراق اليوم لديه علاقات متطورة وجيدة مع كل دول العالم. أرى أن هناك فرصة كبيرة لموضوع مبادرة “الحزام والطريق”، فقبل عدة أشهر تبنت الحكومة العراقية مبادرة عراقية سمتها “طريق التنمية”، “طريق التنمية” الشريان الذي يسري من جنوبي العراق إلى شمالي العراق، وهذا الطريق الممتد 1100 كيلومتر، يمتد بين دول الخليج وتركيا، فـ”طريق التنمية” سيكون متمم لمبادرة “الحزام والطريق”، نحن ننظر إلى هذه المبادرات بشكل إيجابي جدا، سوف يسهل عملية انتقال السلع التجارية من الصين إلى دول الخليج وكذلك دول أوروبا، لذلك نرى أن هناك فرصة جيدة للشركات من الصين في الدخول لمبادرة “طريق التنمية”.
((الصين اليوم)): تشارك الشركات الصينية بنشاط في بناء المشروعات في العراق، وتؤدي مسؤولياتها الاجتماعية هناك، وتحظى بالاهتمام والرعاية من الحكومة العراقية. كيف ترون دور الشركات الصينية في بناء العراق؟ وما هي رسالتكم لتشجيع المزيد من الشركات الصينية على الاستثمار والبناء في العراق؟
السفير: هناك عدد كبير من الشركات الصينية تعمل اليوم في العراق وفي مجالات مختلفة، مجال الطاقة ومجال الكهرباء ومجال البنية التحتية وكذلك الطاقة الجديدة. اليوم في بغداد من الممكن أن نجد عددا كبيرا من الشركات الصينية تعمل في تجميل مدينة بغداد وتطوير البنية التحتية في بغداد.
هناك مشروع كبير طرحته الحكومة العراقية، وهو بناء 8000 مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية، الشركات الصينية أخذت على عاتقها ومن خلال مبادرة “الحزام والطريق” مهمة بناء هذه المدارس، نحن الآن في بناء الجولة الأولى وهي بناء 1000 مدرسة عراقية وسوف ننهي بناء 400 مدرسة الآن، والجولة الثانية هناك 3000 مدرسة، وكذلك الشركات الصينية هي التي سوف تبني هذه المدارس، مدارس نموذجية كبيرة مهمة، والجولة الثالثة هناك 4000 مدرسة عراقية.
واليوم نشهد عددا كبيرا من محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تشارك فيها الشركات الصينية، وهناك عدد كبير من الشركات تعمل في تطوير وإعادة تأهيل البنية التحتية العراقية، فكما تعرفون هناك بعض المدن دمرت بسبب العمليات الإرهابية من قبل المجاميع الإرهابية في السنوات الماضية. اليوم هناك مشروعات كبيرة تنتظر الشركات الأجنبية، والجانب الصيني متفاعل مع هذه المشروعات الكبيرة، كما قلت لكم إن التبادل التجاري قد بلغ 53 مليار دولار أمريكي ونطمح أن نستمر في زيادة هذا التبادل التجاري.
ننتظر عمل الشركات الصينية في “طريق التنيمة”. بالنسبة للعراق “طريق التنمية” مشروع مهم جدا، وعلى حد علمي فتبلغ المبالغ المخصصة لهذه المبادرة تقريبا 16 مليار دولار أمريكي، ومن شأنها تسهيل عملية انتقال السلع التجارية من الصين إلى دول الخليج وكذلك دول أوروبا، لذلك نرى أن هناك فرصة جيدة للشركات من الصين في الدخول لمبادرة “طريق التنمية”، لذلك أناشد الشركات الصينية للعمل في هذا المشروع الضخم وكما نعلم أن الجانب الصيني لديه خبرة كبيرة في هذا المجال، السكك الحديدية وبناء الطرق والتقنية العالية.
عندما نتحدث عن السوق العراقية، نتحدث عن السوق الإقليمية، فالعراق لديه علاقات مهمة مع دول الجوار. عمل الشركات الصينية في المستقبل سوف يكون لديها الفرصة الكبيرة للعمل في دول الجوار، فالسوق العراقية سوق واعدة وجيدة.
((الصين اليوم)): العراق بلد عريق الحضارة، لديه تاريخ طويل وثقافة رائعة وموارد سياحية غنية. وأود أن أغتنم هذه الفرصة لكي أطلب منكم أن تقدم للسياح الصينيين العراق الحقيقي والجميل والمتنوع.
السفير: أشكرك على هذا السؤال المهم. أردت أن أزور بعض المتاحف مع عائلتي عندما أتيت إلى الصين، ورأيت أن الشعب الصيني مهتم كثيرا بزيارة المتاحف والمواقع الأثرية، وهذا أمر غريب بالنسبة إليّ بصراحة، انتظرنا تقريبا أسبوعين لشراء تذكرة لدخول المتحف، بسبب العدد الكبير من الزوار الصينيين لهذه المتاحف. وأتذكر عندما أردنا زيارة المدينة المحرمة أو ميدان تيانآنمن أو المعبد السماوي والقصر الصيفي الإمبراطوري، انتظرنا عددا من الأيام لكي نستطيع الدخول، من ذلك رأيت الرغبة القوية من جانب الشعب الصيني لدخول المتاحف والمواقع الأثرية. عندما نفهم التاريخ نفهم الحاضر، نستطيع أن نبني علاقات جديدة، الصين دولة حضارية ودولة مهمة ودولة لها خصائصها، والعراق دولة الأنبياء دولة المراجع الدينية. والعراق دولة ذات حضارات كبيرة وقديمة، الحضارة الآشورية والسومرية، هناك في كل مدينة وكل رقعة في العراق موقع أثري من الممكن زيارته، ومن الممكن مشاهدة المناظر الخلابة في العراق، في شمالي العراق هناك جبال شاهقة ووديان جميلة، أناشد السياح الصينيين زيارة العراق ومشاهدة المواقع الأثرية المهمة.
هذه الأيام هناك زيارات مليونية إلى العراق، فيأتي السياح من دول العالم. الحكومة العراقية قدمت تسهيلات كبيرة للمواطنين الصينيين الذين يرغبون في زيارة العراق، فأنتم لا تحتاجون إلى الحصول على وثيقة الدخول في السفارات العراقية، ويمكنكم شراء تذاكر الطيران والذهاب إلى العراق في منافذ المطارات وتحصلون على وثيقة الدخول عند الوصول، وهذا أمر سهل جدا يسهل التنقل بين العراق والصين. وهناك أمر مهم وهو نية الخطوط الجوية العراقية في زيادة عدد الرحلات إلى الصين، ونطمح أن نبني خطا جديدا بين بغداد وبكين كما كان قبل جائحة كوفيد- 19، نحن نعمل على ذلك، لذلك أهيب بالمواطنين الصينيين لزيارة العراق وأناشد الشركات الكبيرة الصينية أن تعمل وتستثمر في العراق، ولذلك مردود في مصلحة الشعبين العراقي والصيني

زر الذهاب إلى الأعلى