طقوس العيد بين القرية والمدينة
اجنادين نيوز / ANN
عبدالامير الديراوي
عندما كنت صبيا كنت أرى أبناء قريتي الريفية التي لا تبعد كثيرا عن المدينة كثيرا لكني كنت أجد ذلك الإختلاف الكبير بين طقوس وعادات العيد بين المدينة والريف حيث لم أشعر به إلا بعد إنتقالنا للحياة في المدن وتلك الإختلافات لا تتلخص بالعادات فحسب بل حتى في إسلوب التعامل بين الناس .
أنذكر أن العيد في القرية له
إسلوب مميز وخاص حيث يتجمع الناس صباح أول أيام العيد للقيام
بزيارة بيوت أهل القرية بيتا بيتا فعندما يدخلون هذا البيت يرافقهم صاحبه
الى البيوت الأخرى لذلك فأن صاحب البيت يقوم بالإستعداد لاستقبالهم وضيافتهم وتقديم الحلوى والكليجة والقهوة والشاي
فكانوا يتنقلون من دار الى أخرى حتى يصل بهم المطاف الى بيت الشيخ ليكون التجمع في المضيف الذي يتسع للجميع
حيث قوم بدوره بالترحيب
السؤال عن صغيرهم وكبيرهم وتقام مائدة غداء
تشمل كل من حضروا ، كانت تعجبني حالة توحد ملابس الرجال في القرية حيث يرتدي الجميع الدشداشة البيضاء والكوفية ذات المربعات
السود والعقال والعباءة المحاكة يدويا من الصوف
الخالص أو الوبر في الشتاء
وأكثرهم يحملون بايديهم عصا من الخيزران أو السدر
لأن الطرق في القرية غير مبلطة وغير مستويه يتكأون بها عند الحاجة او يدافعون بها عن هجمات الكلاب السائبة .ولا نريد الإبتعاد عن صلب الموضوع
لكني لا أجد وجها للمقارنة بين طقوس الريف والمدينة
نعم أهل المدينة يفرحون بالعيد ويستعدون له سواء بشراء افضل الملابس وغيرها لكن عملية التزاور تتم بشكل فردي وذلك لا يقترب أبدا من عادات الريف والألفة التي تجمع الأهالي وحتى نساء الريف أيضا تختلف عملية التزاور بينهن فهن ايضا يتجمعن ويقمن بمعايدة كل بيت من بيوت القرية واللافت في الأمر اذا توجهن لتلك الزيارات وصادف إن أحد الرجال كان مارا في الطريق فتجدهن يقفن بعيدا عن الطريق ويقمن بتغطية وجوهههن بالعباءة
كي لا يتعرف عليهن الرجل
تلك قيم ورثناها وما زالت باقية في قرانا خارج المدينة .
وأتذكر إن المرحومة والدتي كانت تستقطب نساء القرية فهي ترحب بهن وكثيرا ما يلتقين عندها ويقمن بزيارات لتفقد نساء القرية أو حضور المناسبات والأعياد
وغيرها فهي من ختيارات
نساء القرية .
تذكرت وانا اكتب هذه السطور عائلة ناصر الخان ولقب الخان هو [تعلوكه ] لصقت به هو ناصر علي النيروز ابو جاسم وعودة وفرحان وجمعة هذا الرجل
ضرير لكنه قوي وصلب كان
يكسب قوته اليومي من عمله في الحراثة إو حتى تنظيف النخيل فهو قصير القامة وإن أولاده قصار القامة أيضا ولديه زوجة فقيرة جدا تدعى [غزاله] وهي أيضا ضعيفة البصر
ورغم حالتها هذه لكن ناصر كثيرا ما يغضب عليها وحتى يشتمها اذا تأخرت
عن تقديم الغداء له في الوقت المحدد ولكون بيته من القصب تسمع الناس صياحه عليها لكنها لا تزعل منه ابدا.
ف ناصر الخان هذا يتوكأ على عصاه ليصل الى البيوت القريبة لتأدية واجب المعايدة وليصل بعد ذلك لمضيف الشيخ وادي البندر حيث يجتمع أهل القرية فيرحب به ويجلسه بجانبه لأنه سريع البديهية والنكته على طرف لسانه دائما وهو رغم فقر حاله لا يتقبل مساعدة مادية من أحد وغالبا ما يزرع الخضار
حول بيته ليأخذه ولده الى السوق لبيعه والعودة ببعض حاجيات البيت .
أمأ غزاله فهي أيضا قصيرة محدودبة الظهر تزورها نساء القرية في العيد كالعادة حيث تقدم لهن الشاي واللومي بصرة وهن فرحات بزيارتها فاهل القرية لا يفرقون بين فقير
أو غني حيث يمارس الجميع طقوس العيد بفرح
غامر الأمر الذي لم نجده في المدن فالحياة فيها شبه جافة
ولا طعم لها فلم نجد الأبواب
مفتوحة لإستقبال المهنئبن كما هو الحال في أبواب بيوت أهل القرى وهذه حالة ما زالت قائمة ولا تتغير .
*–للحديث صلة